Résumé

سليم حيدر شاعر من شعراء هذا القرن، ربطته بالمؤلِّف معرفةٌ كانت من أسباب تأليف الكتاب.تطرَّق الدكتور علي شلق، قبل الغوص في أشعار حيدر، إلى أسرة الشاعر معرّفًا مفصِّلاً، فأبرز دور المحامي، فالقاضي، فالسفير والوزير، فالنائب، قبل أن يصل إلى المؤلِّف صاحب القصائد والمخطوطات. ثمّ أظهر، في حديثه عن أغراض حيدر الشعريّة، مدى إيمان الشاعر وتعلّقه بالله الخالق.وفي فصل آخر، كشف لنا الكاتب عن تأمّلات حيدر في الطبيعة من خلال أشعاره. أيجوز ألاَّ يتأثّر ابن بعلبكّ بالطبيعة وعناصرها، فيجسِّدها صورًا ولوحاتٍ في ثنايا شطوره الشعريّة، وهو مَن قارب السفوح والأنهر والغيوم والضباب، وتطلَّع إلى الشمس والقمر، وزامن الأصابيح والأماسي؟كما أنَّ شعر حيدر لم يخلُ من مواقف قوميَّةٍ وطنيَّةٍ، فنظم في مناسبات عديدة وظروف مختلفة: لبنان في محنته الكبرى، ذكرى المولد النبويّ وإسرائيل، نداء يسوع في عيد مولده، فلسطين والعرب، مصر وسوريا، عبد الناصر ومآثره... إنّ حيدر لم يبخل بقصائده على المفكِّرين والشعراء الذين عايشهم، فخصّ المفكِّر موريس الجميّل بقصيدة يناجي فيها روحه، والأديب فؤاد حبيش بأخرى في ذكراه، وشاعر القطرين خليل مطران بثالثة في ذكرى مصرعه. أمّا المرأة فقد تجسَّدت أيضًا في شعره، تارة بصور المثال في البال، وطورًا بسراب الخداع وخيبات الأمل. فهي، في نظره، حينًا جسدٌ يتراقص، وأحيانًا فكر يسمو ويتعالى. لقد غنّى سليمٌ المرأة وبكاها، ورقّ لها وتعبَّد.وإذا كان لشاعرنا نتاجٌ شعريّ وفير توزّع في فنون الغزل، والتأمّلات في الطبيعة، والنظرة الفلسفيّة إلى الوجود والخلق، فهو لم يجنح عن كتابة النثر، إذ جاءت المرافعات، والبرلمانيّات والانطباعات لتكوِّن مادّة نثريّة غنيّة إلى جانب مخطوط له في موضوع الشعر، عالج فيه اللفظ والمعنى، الجرْس، والغاية من النظم.إمتاز سليم حيدر بعلمه وثقافته، إذ جمع في شخصه رهافة الشاعر ورقّة الأديب إلى لباقة الديبلوماسيّ وحزم رجل القضاء. وممّا لا شكّ فيه أنّ هذه الفرادة أغنت تجربته الشعريّة ورفدتها بروافد العلم وسعة المعرفة. وإذا كان لنا من تمنٍّ نسوقه في الختام، فهو أن يُدرَّس نتاج شاعرنا، وزملائه المعاصرين المغمورين، في ضوء المناهج الحديثة لدراسة النصوص الأدبيّة، فتتكشَّف لنا آفاقٌ أوسعُ في نفسيّاتهم وشخصيّاتهم ومواقفهم، ونفيد من غنى أعمالهم الفنّيّة، سواء لجهة المعاني والمضامين، أم لجهة الأسلوب والموسيقى والفنون المتّبعة.